عدنان المصري ,المكانة العالية في مقام اللوحة الحروفية

 

عدنان المصري , مجموعة متحف فرحات

عدنان المصري الأكاديمي الجدي المتفاعل مع مفاهيم الابداع الجاذب للفكر و الذاكرة,عبر الممارسة و الخبرة و دراساته الزخرفية الجمالية,ابن مدينة بيروت الذي أكسبته معرفته تواضعا صامتا,تجلى بما تركته لنا من موتيفات فنية عربية اسلامية,أعطاها بعدا فلسفيا و حضاريا تجسد ذلك في أبعاد لوحته التشكيلية الآسرة بلا نهائيتها كأنه يستعير من الغيب تماهي الجمال المجرد.

      اتجه عدنان المصري لدراسة الرسم سنة 1962 في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة,و لدراسة الفلسفة و علم النفس و علم الاجتماع في جامعة بيروت العربية 1970,و حصل على ماجستير فلسفة علم الجمال في الجامعة اللبنانية (1977-2001),و كان مواكبا و مراقبا رصينا لكل جديد في الفن التشكيلي,هذا التمادي له في المعرفة العلمية الجمالية,جعله يقف على منعطف بناء معادلته,مؤسسا للوحة تكاملية جعلت له حضورا مثيرا في الحركة الفنية اللبنانية و العربية المعاصرة.

عدنان المصري , مجموعة متحف فرحات

     لم يقرأ النقد التشكيلي لوحة عدنان المصري و تداخلاتها و عوالمها الا من جوانب عرضية,خصوصا و أن المصري لم يدخل تجاذبات النقد و الاعلام و التسويق,وظل أمينا مكافحا لمضمون أعماله,فالمصري اليوم و نحن نستذكر غيابه يحتاج الى قراءة تشكيلية بما قدمه لاستنباط ما قام به الرجل,كمعلم معماري ينمنم التشكيل بهندسة حروفية و زخرفة بارعة غائصا في تجربة عالية المقام فنيا,تنشد المعنى التصوفي الفني بروحانية متفلتة من حرارة اللون,الى مأساة جمال الكون.

    اذا علينا كشف مهمة عدنان المصري ووضعها في مكانتها التجريبية و في مقامها حماية للترابط الفكري و التطوري لهذه اللوحة.

   موتيفات عدنان المصري مشغولة بنفس تداخلي معماري يتزاحم فيها الدائري بالمثلث و المربع و المستطيل و الخطوط و تتشاكل في تكوينات موحدة في بناء هارموني متصاعد و تدويري و منقط بحروفية هيولية متماهية بعالم بهي بل عوالم مرمزة تضج بالحركة و التناغم و حيرة العين,و ذات دلالات نسيجية خاصة و مقاييس تناظرية تناسقية تتغلغل بالتجريب و التجريد,و هذا ما انسحب على مجمل لوحاته الفنية بشروط متقدمة في تلازم العلائق التكوينية بكل اتجاهات اللوحة,لتغدو حالة نادرة في تأليفها الزخرفي الاسلامي المشرقي,و حيث يبدو الله عنده واحد نوراني منبثق و خفي و متجلي في قامة اللوحة,و جوهرها المركب من الخط العربي و المتوالد فنيا من جوهر نقطة الحرف,التي هي أصل الخط و بداية هندسة لنقطة متحركة بتشكيلات ذات بعد صوتي و حرفي حيث الحرف بلا حركة يبدو صامتا,هذا ما تنبه و تقصده المصري ليطفي قيمة تشكيلية و حضورا يبدو فيه  الفن الباطني المشغول من معالم الظاهر و الباطن و المتحرك و الساكن و المرئي و غير المرئي.

عدنان المصري, مجموعة متحف فرحات

      عدنان المصري ابن تجربة طورت في هذه القيمة التشكيلية الحروفية بعد أن كان فن الخط في معظمه يعكس الآيات القرآنية أو الأقوال المأثورة أو الشعر أو الحكمة الخ…ثم دفع بها الى رمزية عالية في معادلة من الصعوبة بمكان فك شيفرة لوحته .

     أهمية العودة الى أعمال الفنان عدنان المصري و أمثاله و هم قلة في العالم العربي الذين عملوا على جمال اللوحة الحروفية من منطلق معادلات ابداعية تطويرية ستبقى منعطفا و شاهدا على أي جديد.

    يحتفظ متحف فرحات بأعمال متنوعة و قيمة للفنان عدنان المصري ليضمها الى مجموعة الخط العربي الموجودة في المتحف.

 

لمى فواز

14-08-2011

 

الفنان محمد الركوعي :أعماله جماليات تتراكم فيها الاشكال الهندسية

This slideshow requires JavaScript.

 

يفتح الفنان «محمد الركوعي» نوافذ الخيال، لنشاهد تفاصيل الواقع في قلب كل فلسطيني يحلم بألوان الحرية، ولتنطلق الحواس بدون قيود نحولوحات تمثل الواقع المتخيل الذي يدفع الرائي من الداخل الى الخارج حيث الحلم التحرري، والانطلاق مع الطيور نحو الدائرة الكونية. لتجسيد العودة برمزية تبدأ من النقطة اللامتناهية الى الدائرة الحياتية المغلقة، فالتوظيف الفني متلائم مع الشكل والمضمون ومع الاحاسيس الصادقة النابعة من فواتح الألوان الاساسية والمركبة،  وكأنه يسرد همسات وطنية يبوح من خلالها بالهموم العامة للشعب الفلسطيني. أو بالأحرى للعودة دائما الى الجذور التراثية للكوفية الفلسطينية أو للمرأة التي ترمز الى الوطن وأصالته، فالارتسامات الواضحة ايحائيا في المعنى والاسلوب هي نتيجة فكر وطني يلامس جماليات اسلوبية تتراكم فيها الاشكال الهندسية العفوية، المتوائمة مع الفراغات الايقاعية المتناغمة مع الالوان الشفافة الغارقة برومانسية متغلغلة في الموتيفات البنائية للوحة الفنية. 
تسيطر الالوان الشمسية الحادة والشفافة بالانطلاق نحو سماوات مفتوحة تتخطى المساحات اللونية وتعبيراتها العميقة واقعيا،  فالتدرجات اللونية للاحمر المركب والبرتقالي المحمر احيانا. تثير البصر وتخلق حركة تنسجم مع الاخضر الاساسي،  والرمادي المزرق حيث يسرد « محمد الركوعي»  قضية وطن يحلم بالجمال، فيتحرر قبل أن يتحرر من خلال رسوماته النابضة بالألوان الأحمر،  والازرق،  والاخضر،  والاصفر،  فالمساحات الفراغية في لوحاته هي أطر الغوامق والفواتح، وتكنيكات الالوان التي تحاور البصر والذهن،  وتمنح الحس ادراكا نفسيا لتعميق الشعور بالوجود الخارجي.  او ما هو خلف القضبان التي تنمو عليها أشجار الزيتون التي ترمز لفلسطين،  ولقوة البقاء المعطاءة داخل وطن سيثمر رغم القيود المفروضة عليه.
شعور بالحس الوطني يتسرب إليك،  وأنت تتأمل تفاصيل لوحاته المتحررة من السجان،  ومن جسد يقبع بين جدران لونها بموتيفات فنية تركته يلجأ الى التعبيرات المكبوتة داخل نفسه التواقة لتحقيق أهدافها الوطنية،  والحس بالانتماء الوطني الذي يغلب على الرموز المكثفة في لوحات تطير خارج فضاءات تتسع للواقع المتخيل،  والقادر على ابراز الرقة والقوة ، والخيال والواقع،  والخير والشر، والرسالة الوطنية المكتوبة باللون والخط والشكل،  والمساحات التشكيلية الغارقة بتفاصيل تأريخية، وبرموز فنية تقودنا نحو ارادة فنية ووطنية تسعى الى تحقيق الحلم على ارض الواقع المملوء بالأشرطة الشائكة،  وبالأصابع المرفوعة التي تتهافت لنيل الشهادة،  وكأنها شمعة تذوب وتكتسي في الحياة النضالية لشعب فلسطيني ما زال يئن ابطاله خلف قضبان السجون الاسرائيلية. 
مكنونات داخلية لونية.  تفيض فضاءاتها الحسية بالمشاعر الفنية التي تهمس بالحرية،  حيث يحاكي «محمد الركوعي» القضبان الحديدية الهشة،  فيشطرها لتظهر زهرة أو وردة او قوس قزح  أو لتنزف القيود الدموع قبل أن تتقطع او تتكسر، كخشبيات مهترئة لن تدوم ابداً. لأن الركوعي يعتمد في واقعيته الحالمة على الرموز التي يخاطب بها الأذهان،  فالأيادي المقيدة والمرفوعة هي فلسطينية من حيث الخطوط الشبيهة بخطوط الكوفية الفلسطينية التي ترمز الى الاصالة والقوة،  والثبات وبالقدرة على متابعة النضال حتى تحرير فلسطين. 
تباين وتماثل بين الرمز والشكل، وبين المضمون والاسلوب واللون .ليكشف عن فكرة التحرر الملتزمة بالانتماء الوطني، فالحمامة ذات التأثير الايحائي تتمتع بخطوط تترابط مع بعضها البعض، وكأنها كوفية تطير عن الاكتاف من مكان الى مكان قبل ان تعود الى مكانها الحقيقي،  فهل يريد «محمد الركوعي»  ايصال الرسائل الفنية مع الحمام الزاجل بعد ان يتم تكسير القيود التي طال زمانها؟. أم أن اللون هو السرد الرمزي لقدرات الفنان داخل السجون الاسرائيلية؟ 
رسومات مثقلة بتصاوير خرجت من خلف القضبان،  لتؤلف طبيعة ثلاثية هي المرأة والحمامة،  وغصن الزيتون،  وفي المقابل قضبان السجون الحديدية،  والأشواك في سياج تمسكه الاكف بقوة  والقيود الحديدية، وكأنه يحاور بموتيفاته الخطوط والالوان،  والاشكال والضوء المتحرك مع الانعكاسات اللونية التي يخضعها «محمد الركوعي» لمزاجية ريشة غاضبة. تحاول الابتعاد قدر الامكان عن الاغلال والعتمة والحصار، فتخلق ايحاءات فنية في فضاءاتها الواقعية بقدرات زمنية ترمز الى امكنة محددة لا يريد «محمد الركوعي» مغادرتها لتبقى ضمن الزمان والمكان في تاريخ فلسطيني يحمل معاناة ترمز للثبات على ارض الواقع، ككتلة تمد جذورها داخل ارض لا يمكن سجنها حيث الخط العامودي يتصل بالدائرة البيضاء والحمراء والخضراء ومع المرأة الممسكة ببارودة قتالية، كانها الركن الاساسي لبقاء بيتها، لتتوازى الرؤية السياسية مع الرؤية الجمالية المسكونة بحلم التحرر والعودة.
مفردات رمزية مألوفة فنيا، ومصداقية تشكيلية ترجمها ببساطة وعفوية،  وكأنه يكتب رسالته الى السجناء في الداخل والخارج.  ليتحرروا من ضعف القيود الذاتية،  وليخرجوا بأرواحهم من القضبان حيث الحقيقة اللامتناهية، المنتظرة في  العمق الايحائي، والترابط الواقعي، والوصف المكتمل مع سرديات الالوان وارتساماتها المجاورة والمتحاورة. لأن قوى اللون الاحمر هي في اللون الزهري المركب،  والاخضر الزيتوني المنسجم مع تطلعات الشموخ والبقاء حيث تزداد الحركة بين الساكن والمتحرك،  والظاهر والباطن، فالتأثيرات الأسلوبية تنشط عند وشاح المرأة او غطاء الرأس المنساب بليونة تعيدنا الى فكرة البداية والنهاية، والى ارتباط رمزية المرأة بالوطن وبالمحبة والسلام.
مدلول فني يضفي على المعنى  جمالية خاصة.  يستعملها «محمد الركوعي»  لجذب الحواس  الى عمق اللوحة، وللاستقراء الذي يؤدي الى التوسع في المفاهيم الفنية التي تدعو الى التمسك بالقضية الفنية من خلال اقتناص الرمز في خدمة المعنى،  ومزج اللون واستخدامه في الايحاء الى ريشة محاصرة تحلم بألوان أخرى، تمتاز بخصوصية حياتية لا يمكن اختصارها فقط بالأبيض والأحمر،  والأزرق،  والأخضر. لأن التكوينات البصرية تلعب دورا مهما في اذكاء مخيلة الرائي، لينطلق مع «محمد الركوعي» نحو الواقع ولتصبح اللوحة كرسالة  اعلامية يحملها الحمام الزاجل لتتناقلها الاجيال من جيل الى جيل
أعمال الفنان  الفلسطيني محمد الركوعي من مجموعة متحف فرحات.
ضحى عبدالرؤوف المل

أعمال المصور محمود الزيات : ترجمة الحدث بلغة فوتوغرافية

This slideshow requires JavaScript.

تتماشى أعمال الفنان “محمود الزيات” الفوتوغرافية مع الابعاد الجمالية للمعنى القادر على اظهار الفروقات التوافقية بين صورة وصورة، للتبلور اللقطات المؤثرة التي تحدد خصائص فنية، وفق تناسب وهمي يغلب عليه المضمون المتصل بخيوط انسانية تتمثل في اظهار المأساة اللبنانية لحرب تموز، وما جرى فيها من ويلات، محاولا قدر الامكان التقاط التفاصيل الموجعة التي تختفي احيانا اعلاميا، وتظهر عبر الصورة الصادقة والعين التي تسلط الضوء على المضمون. بغض النظر عن الاسلوب ومنظوره الهندسي، فالعين التصويرية ” لمحمود الزيات” متعلقة وطنيا بروح العاطفة والعين الابداعية، واتجاهتها المتفاوتة بين المعاناة وقوة المشاعر، والانفعالات وسلبياتها وايجابياتها، فالصورة في اعمال ” محمود الزيات ” تتكلم بلسان الضوء المتباين والواقع الحقيقي دون اللجوء لتفاصيل اخرى مبطنة، وهذه عين الكاميرا القادرة على الاستطلاع ، واظهار الواقع كما هو دون اللجوء الى تكنيكات هندسية او مرئية. انما ترجمة الحدث بلغة فوتوغرافية تلغي الابعاد اللونية ، وتجرد الصورة من الفواصل لتمنحها عين جديدة هي عين المتلقي .

ابداع تقني وفني في توسيع البؤرة الضوئية، لتلتقط العين بعدستها ما هو قريب وبعيد في آن دون اللجوء الى التأليف الفني. انما هي صورة صحفية بحتة تلتزم فنيا بالابعاد، والمساحات الواسعة وقوانين الضوء النهاري والليلي، والالوان التكوينية للصورة القريبة والبعيدة والسريعة او بالاحرى المترجمة للغة الحدث، والتي تحتوي اكبر قدر ممكن من المفردات الفنية الايحائية ، كتلك التي نرى فيها اسرة مهجرة في مدرسة، واطفالها ينامون داخل المقاعد، بينما الرضيع هو في حضن امه ووطنه الاول الام، ليتشرد داخل وطنه ومع عائلته، وما زال في طور النمو، فالصورة تعبيرية عن واقع يبرز فيه التشرد داخل الوطن نفسه، والعلم المركون كالمقاعد الموضوعة فوق بعضها البعض، ليستطيع المكان احتواء الازمة كما احتوت العدسة مجموعة العناصر الفنية في صورة استوقفتني فعلا. لان اتساع العدسة الضوئية اقترن مع التعتيم المتوازن لتظهر الصورة على طبيعتها ودون مراعاة للتجميل الرقمي او الحذف والزيادة.

ابعاد داخلية وخارجية تظهر الترابط الابداعي في صورة عجوز تتأمل الحجر امامها، وكأن الركن الاساسي لبيتها قد وقع. لنتساءل في انفسنا اليس الانسان هو الاغلى من حجارة داره ؟.ام ان حجار الوطن تعاني كما الانسان من التساقط والانهيار، فهل المعاناة الانسانية هي وليدة تاريخ يتجدد ويترك من البقايا ذكرى نضعها في البوم تاريخ الحروب الاسرائلية التي تشن ضد الانسانية، لتشهد الاعين كما العدسات على القهر والقوة التي تهدم الاوطان، وتشرد الانسان داخل وطنه، ولتبقى الصورة عين على الحقيقة التي لا تضيف اي محسنات فوتوغرافية لها، ولكن بجمالية واقعية تجعلنا نشعر ان للحروب سريالية تظهر جشع وبشاعة العدو، وقوى الشر التي تباغت العجائز والاطفال والرضع، فهل ننسى لا تقطعوا شجرة؟.ام نمسك بالعدسة ونلتقط كل الاوجاع الانسانية؟.

تقف متأملا صور الفنان الفوتوغرافي ” محمود الزيات” وانت مشتت البصر ، محاولا لملمة الجزء من الكل، وكأنك لو جمعت صور حرب تموز مثلا ! لرأيت الكل يبحث عن ذاته، وعن الوطن المفقود داخل دائرة المعاناة التي تركت السيارات والابنية والتشرد المكتمل الاركان من حيث الخراب والدمار! اي الجماد كما الانسان، وكأن العدو يتعمد تمزيق البنى التحتية وتمزيق الانسان، فتظهر الصورة تعتيمية ضبابية مؤثرة على الوجدان الوطني، وتدفعنا نحو البحث عن بقعة لا خراب فيها او بالاحرى فراغ بين الاجزاء المتشابكة، والمعقدة في صورة احتل الخراب فيها حتى الفراغات اللونية التي غالبا ما تشعر انها بألوان غبارية، وكأن الانفجارات حدثت الآن .

يمتلك ” محمود الزيات” الحس الوطني المتغلغل داخل عدسة تجعلنا نقرأ اخبار الحروب المدمرة، والاوضاع الفلسطينية داخل المخيمات وما تعانيه تلك الفئة الفلسطينية الموجودة داخل لبنان، والتي تتم ملاحقة امنها وانتهاك حتى الفقر الذي تعانيه المخيمات الفلسطينية. لتزداد المعاناة تأثيرا معتمدا بذلك على البصر التحليلي والتفكيري والادراكي القادرة على الاستنتاج والفهم من خلال صور الاطفال خاصة ، كاحتراق وجه طفل يتماثل للشفاء، فهو النقطة الاساسية في الصورة حيث ان العدسة هنا اعتمدت على التكبير والتوسيع والمباشرة في القاء الضوء على انتهاكات حقوق الاطفال، فالاب الذي يبكي كطفل في حضن ابنه تختصر الف معنى مؤلم جرى في حرب سوداء.

وضوح تصويري متفاوت الفروق يحقق للفكرة وصولها الى حواس المتلقي، ليتفاعل معها بوجدانه ومفاهيمه الانسانية ، فنشعر بحرية الصورة ومصداقيتها. كما نشعر بالقيود الصعبة التي تخطاها ” محمود الزيات” قبل ان يلتقط بعدسته المتحررة من كل شىء الانسان اولا، وما يعانيه من تفاصيل حياتية يتعرض لها، ومن حروب تشن على الضعفاء، وتترك امكنة الاقوياء كما هي لا تزحزحها انفجارات او تهشم صورتها عدسة تبحث عن تحقيق المقاييس الفوتوغرافية فقط او عن هدف اعلامي مشوه الحقائق، وهذه ميزة في عدسة ” محمود الزيات” وهو نقل الواقع فوتوغرافيا وبمساحات تتسع لعين المشاهد.

يقول بيكاسو:”ان الفنان لا يكون في واقع الامر في حالة من الحرية كتلك التي يجب ان يتظاهر بها..ان الفنان يحيط به العديد من القيود، وهي ليست دائما من القيود التي يمكن ان يتخيلها الانسان العادي.لان ” محمود الزيات” لا يبحث القيمة الجمالية للصورة الفوتوغرافية فقط. انما يبحث عن سيكولوجيا فنية تحقق اجتماعيا وظيفة صحفية تعرض الواقع المرئي، وتظهر ابعاد الحروب والنتائج السياسية. لكل حدث سياسي سلبي او ايجابي، ليعكس المؤثرات الفوتوغرافية، ويضعها في عين الرائي بمصداقية . كما هي في كل جزئياتها الفوتوغرافية ، ووببصمة واقعية تظهر المعاناة الانسانية ونتائج الحروب السيئة على الاوطان.

أعمال الفنان محمود الزيات من مجموعة متحف فرحات

بقلم ضحى عبدالرؤوف المل

Dohamol@hotmail.com

أعمال الفنان غوردن كاوتس.. تصوير الواقع برؤية فنية إستشراقية

gordon coutts

يحاول «غوردن كاوتس» تصوير الواقع من خلال رؤية فنية استشراقية تتصف بمنهجية، تتنوّع فيها جمالية الألوان التي تترجم لحظة زمنية التقط فيها غوردن تفاصيل الأمكنة، وكأنها تراثية النظرة وشمولية اللون، والخط، والحركة، والفراغ، والمساحة المفتوحة، لمشهد شرقي يتسع لتفاصيل دقيقة الملامح، ومجسّدة فنيا بأسلوب واقعي لا يخلو من مخيّلة تعبيرية طرحها تشكيليا من خلال اللون المتضاد، والمتميّز ديناميكيا فالمعالم الشرقية في لوحاته تتميّز بالأقمشة الملونة والقوية ضوئيا وجمالياتها، والوجوه وما تحمله من تعبيرات تزيد اللوحة اشراقا، والرؤية ابعادا تجعلنا نتأمل كل حركة وظلها، والضوء المتدرج من قوة الى خفوت وبالعكس، فدرجات اللون الأحمر والأصفر تمتزج مع برتقالي يتناسق مع الأخضر، ليظهر بصفاء على الزي الشعبي، وبمقاييس فنية تمنح البصر متعة الاستكشاف للأسس الفنية للمشهد التشكيلي بوصفه رؤية انسانية لحالة اجتماعية.
مقاربات رؤيوية لصيقة بواقع الحياة، ومتلاحمة شكلا ومضمونا مع انماطها اجتماعية وسلوكيات ترتسم على حركات الوجوه، فالنضوج الفني في لوحات «غوردن كاوتس» تظهر من خلال رشاقة اللون وشفافية الأبعاد المؤدية لرصد الحركة الضوئية وانعكاسات الظل حيث ترتسم الانحناءات المتناغمة مع الخطوط اللونية بشكل عام. فروعة التكوين التشكيلي في أعمال كاوتس تعتبر هوية جمالية تتميّز بها أعماله المرتبطة بالإنسان في الشرق، ومعالم بيئته المنسجمة مع الزمان والمكان، ولريشة تتوق الى بث الألوان مباهجا خاصة من حيث التفتيح والاشراق، والتوهج ملتزما حسيا بالبورتريه التي تظهر معالم الوجه الشرقي، وان برؤية غربية تتطلع الى الشرق والانسان المستوطن أمكنة شبه صحراوية، أو تميل الى الألوان الساطعة والقوية في اللباس أو للون أبيض يظهر نوعية من الناس ايضا، تختلف من حيث اللباس مع الإشارة الى النخيل، والى أمكنة تختلف فيها ألوان البشرة التي تميل الى السمرة والمتناسقة ايضا مع الفضاءات الخيالية، لواقع ترك فيها القوة الوجودية للون أبيض مميّز مثير ذهنيا، ويبث ثقة تلغي الغموض فيها، فتواشيح الألوان وتكنيكات مزجها تجعل المتأمل لها يغوص في أعماق التفاصيل والحركة والمساحة، فيشعر بأجواء المكان المتجدد لان لغته المرئية ذات معطيات تؤرخ لاجناس بشرية خاصة بالشرق وتراثه اللوني.

Gordon coutts .

يظهر «غوردن كاوتس» قدرة على خلق تآلف حسي يهدف الى منح قيمة جمالية لتصاوير رؤيوية مؤثرة وجدانيا، وجذابة جماليا. فهي تحمل نفحة زمنية ومحاكاة فنية، لمشاهد متعددة من الحياة رسمها «غوردن كاوتس» بتفاصيل واضحة المعالم، وتنطق بدلالات ايديولوجية تجسّد مقومات مجتمعات شرقية، برزت في تكثيف اللون المستوحى من فواتح لونية تتميّز برقة تركيبية تسيطر على الخطوط وأبعادها الهارمونية الدقيقة فنيا، فهي تعج بالموتيفات وتشكيلاتها التفصيلية المتباعدة والمتقاربة، المرتبطة أيضا بالبيئة والمناخ وعلاقة الإنسان الشرقي بذلك.
رصانة في سمات تشكيلية تزدحم الألوان الألقة فيها، والأشكال المتأثرة عاطفيا بتفصيلات أظهر انفعالاتها بتقنية واقعية، وتعبيرية متأثرا بجماليات انعكست على لوحاته انطباعيا، فالعناصر الفنية المؤسلبة سيميائيا تفتح الخيال نحو استراحات ذهنية، تترك الحواس في حالة من استدراك لكل اختصارات لجأ إليها «غوردن كاوتس» هندسيا ليخلق توازنات بين اللون والشكل، والفراغ، والمساحة، والضوء، والظل، والسطوع المغموس بتحوّلات لها ألوانها المشرقية الخاصة، وبزهو الانسان وفلسفته الذاتية النابعة من فطرة وعفوية، ترعرع عليها وتركته يحتضن الطبيعة الوجودية مشرقيا من خلال لوحات تحمل نفحات استشراقية، وتقنيات لونية تأخذنا الى عوالم التصوير الواقعي، ولكن بريشة فنان معشقة بلون أبيض يدعو المتلقي الى الحوار والتأمل والاستمتاع.
رؤى فنية استشراقية ذات معايير جمالية لها تصويراتها السيكولوجية زمنيا، فخصائص الجماليات في لوحات «غوردن كاوتس» تحاكي التعبيرات الممزوجة بمشاهد غنية سينوغرافيا، ومتباعدة فراغيا، فالثراء الموضوعي ممتع بصريا وفكريا وحسيا بسبب اعتماده على نسب معينة تدرَّج فيها باللون والخطوط، والمساحة، والسطوع، وترك اللوحة كمشهد استعراضي مفتوح على تأويلات فلسفية متعددة بتوليفاتها المتنوعة في لوحة واحدة، فالمرأة ذات البشرة السوداء والوشاح الابيض الممزج بألوان أخرى تتقارب وتتباعد تكنيكيا من حيث الشفافية والكثافة والتآخى مع الألوان الأخرى. فالمرأة تحتضن طفلا تميل بشرته الى اللون الابيض بدرجات تنعكس من خلالها الألوان الأخرى من حولهما، مع اختلافات في الظل والضوء ولون يدها المتناقض مع لون نستمتع بمزيجه على ثوبها الشرقي الزاهي بألوانه المشرقة، فالابعاد بحد ذاتها تضفي طابعا تصويريا تتضارب فيه الأساليب الفنية من واقعية وتعبيرية تركت للبورتريه صفة إيجابية ثرية بالعناصر والموتيفات والتباينات الدينامية التي تمنح الفكر أبعاد رؤية «غوردن كاوتس» بالشرق ومن فيه.

Gordon Coutts

دمج لوني ازدواجي، تمخض عنه تأثر وتأثير بالايقاع الموسيقي، المصبوغ بنغمة حركية تروق للبصر، ويستسيغها الحس الفني بتمايز تنجذب له الحواس وفقا لقياسات هندسية، وأبعاد سيمترية تشكل أساسا لوجود الألوان الحارة والباردة في لوحات تمثل جزءا مهما من الحياة والبيئة المناقضة باجوائها للغرب. بوصفها شديدة العاطفة اللونية وواقعية المشهد المرئي، وابداعية بتنوّعها البانورامي، لما تتميّز به من سلاسة بصرية يستمتع بها المتلقي عندما يتأمل تفاصيل كل لوحة مسرحية في تشكيلاتها، وتكوين الحركة التعبيرية على وجوه شخوصها المستمدة شرقيا من تراث فلكلوري فني او اجتماعي بحت، فالانماط الفنية الاساسية تضعنا امام تساؤلات ذهنية تعصف بالوجدان، فهل يستطيع الفنان الغربي التقاط الظواهر الفريدة في الشرق، وما تحمله من ألوان مخلوطة بسطوع يبعث البهجة في النفس؟ ام ان الاثارة البصرية هي سبب في تصوير الواقع الشرقي بكل تفصيلاته وجزئياته الجمالية؟ أم ان غوردن «كاوتس» يحمل فكرا انسانيا يهدف الى تصوير جمال الانسان في اي بيئة تواجد فيها؟
أعمال الفنان «غوردن كاوتس» Gordon Coutts من مجموعة متحف فرحات.

ضحى عبد الرؤوف المل

لوحات الفنان عبد الرؤوف شمعون… محاكاة الواقع تجريديا

يدمج الفنان عبد الرؤوف شمعون مفهوم المحاكاة مع فلسفة لونية غرائبية المزج من حيث التجريد والاحساس بالواقع، ومن خلال القوانين المعتمدة في موسيقى اللون، والاهتزازات الضوئية المنبعثة من روح الاشكال الايحائية داخل الشكل التجريدي، الراسخ فيه قيمة جمالية لها مقوماتها السيمائية، وارهاصاتها المحورية من حيث المفاهيم المضمونية الواضحة المعنى، ومن حيث الاسلوب الحافل بالغموض والصخب اللوني، فتنمية الرؤية والافكار تنضج بين الفواصل المرئية التي يتركها مستورة بين الخطوط المتناقضة. تاركا الظل وتوزيعاته تعتمد على ضوء حاد يتلاءم مع الخطوط العامودية والافقية، وانعكاساتها المؤثرة موضوعيا على مفهوم الرؤية والفكرة، وحدة الانفعال البارزة على السطوح، والمقروءة بصيغة ألوانسردية تروي قصة شعب مقهور. يعيش متماسكا بكثافة تظهر النماذج الانسانية المرسومة داخل تجريدات تؤكد على الواقع المبهم، وتموضع احداثه ضمن لوحة ديموغرافية تحدد سمات شخوصه الاجتماعية والانسانية، وملامح تكوينها العربي خاصة، فالعناية بالشكل الفني يعتمد على الاسلوب الوصفي المرتبط بقدرته الحاذقة على توليد حماسة بصرية. تعتمد على حاسة الابصار موجها جل اهتمامه على قضية شعب يصارع بسريالية الوان الحياة الانسانية المفروضة عليه.
يمنحنا شمعون فضاءات خيالية ذات مقومات جمالية مبنية على محاكاة الواقع تجريديا. مما يوحي بالغموض المستفز للحواس لتصل الى مفهوم الانسانية، ونبذ سريالية الواقع التي تسبب الوجع والتشرد للانسان بشكل عام، وللعربي بشكل خاص فرمزية الحجاب في لوحاته تنبع من تمسكه بشرق وظف رمزيته شكلا ولونا، وحجما، وكتلة، ومن خلال تفاصيل الحركة الدقيقة المتطورة فنيا من حيث التطابق والتباين، والتماثل اللوني واختلاف الدرجات اللونية، وتناسقها مع الضوء والظل، والتعتيم، والتفتيح، وتشخيص الغموض ليحوله المتلقي الى مفهوم. يكتشف من خلاله المعاناة الانسانية التي يطرحها الفنان في لوحاته الفنية الزاخرة بالحركة واللون، والهندسة البنائية المعتمدة على التصاعد النسبي في درجات اللون، والارتفاع، والتناغم النابع من المغزى الرمزي والحركي. لاشكال واقعية مبهمة جعلنا نتعاطف معها بعقلانية صورها، وكأن كل لوحة هي صورة اجتماعية لمجتمع ما زال يتمسك بمكانه اللوني الخاص به. ان حقيقة من خلال الالوان المختلفة مثل الازرق والاحمر والابيض، وان استشهاديا من خلال الاخضر الفسفوري والزيتوني او الاثيري الصامت ضوئيا، والمشع من الزوايا بتناقض سلبي وايجابي يفضي بخصوصية فلسطينية. تؤكد على بقاء الانسان واكتماله كما يكتمل الهلال في لوحة لها ابعادها الفنية حيث تركه يتوسطها بلون يميل الى الاصفر الذهبي، والموجود ايضا على شخوصه بتميز تكنيكي له قوة الاحساس الدرامي. المتمثل بمنطق تجريدي له واقعيته من حيث الايحاء بالاثواب الطويلة الملتفة على الاجساد، ومن حيث الصورة الجمالية بشكل عام.

ترتبط الخطوط الاساسية في كل لوحة بحدث ايحائي له ابعاده الفكرية، والاجتماعية والانسانية. كما له ابعاده الجمالية وفقا لنوع التأثر والتأثير بالشكل العام، للحجم والكتلة اللونية المتراصة، وكأن التجريد والواقع هما المحور المتلاحم الذي يوحي اليه بسكون ضوئي. يتشكل من خلاله المعنى، مكونا انطباعا حدسيا له نسيجه البصري وحواراته الاثيرية التي تتنامى داخل مشاعر المتلقي، المتلهفة لتفكيك الكتلة وفهم عناصرها المتماسكة، وشاعريتها الملحمية فهو يوحي ببنائية لها خصوصيتها التصميمية، وتعدد مساراتها الفنية في لوحة يسيطر علىها اللون الواحد غالبا. رغم وجود الالوان الاخرى، ولكن بشكل استثنائي مرتبط بالايحاءات المتراكمة التي تتكاتف مع بعضها. مصورة الملامح الاساسية المنسجمة مع قضية نضالية يريدها «عبدالرؤوف شمعون» مع شخوصه والمتلقي، فهو يحاور ذاته بموضوعية تنتقل الينا . مما يجعلنا نشعر ان استبدال الثوب بالكفن، وبالعكس لا تلغي فكرة الموت والحياة والوجود. بل ما هي الا انتقال مكاني لا زمان له، فهو يترك الفكرة محصورة بأجساد كالأثواب وبأرواح كضوء اثيري له جماله الخاص في تكوين اللوحة.

يتكىء عبدالرؤوف شمعون على المساحة واتساعها، ليؤطرها بمختلف الترابطات الفراغية التي تضمن التكافؤ البصري المريح للذهن. بدينامية لها تناقضاتها اللونية الحارة والباردة، لجعل الرؤية تقترن بالاسلوب والمنظور الفني للابعاد السريعة، والبطيئة داخل التشكيل اللوني المنصهر مع المفهوم الهندسي للخط، والتعبيرات الخيالية للاشكال التي تتراءى كأطياف نستشف منها الواقع، وانعكاساته الفنية على المضمون والاسلوب وضربات الريشة الصارمة، وكأنه يقدم مزيجا من الفرح والحزن والدراما التصويرية التعبيرية مع الالوان السينوغرافية ، والاضاءة المتوازنة مع الحركة وقوانين موسيقى اللون الصارمة.
يتركنا الفنان لنتشارك معه الحس الفني والاجتماعي، فالتجانس المتين في لوحاته بين اللون والكتلة، والضوء والظل، والخط والشكل العام. يحدد مدى التقاط المفاهيم ذهنيا عند المتلقي، فهو يفسح المجال للبصر من خلال الفراغات المدروسة تقنيا وفنيا. لاثارة الفكر والاحساس الوطني بقضايا الانسان والمكان وانغماس الريشة في انفعالاتها الوجدانية، لتسمو فوق مداركها الفنية وتمنح الرائي معنى الرسالة التي ترسمها ريشة عبد الرؤوف شمعون بمرونه لها نظامها ونشاطها، وادراكها الحسي المتناسق مع قوانين اللوحة التكوينية وتباين الالوان المؤثرة على البصر والوجدان، فالايقاع الحركي هو وليد المنطق التصويري لاسلوب تجريدي يغلب عليه التشابه والاختلاف، والمنطق الجمالي الممتزج مع وقائع سردية لها واقعها اللوني، والتأسيسي المحفز على اكتشاف الذات، وكأنه يصيغ هويته الفنية على اسس وطنية وعربية متمسك بها فكريا اسلوبيا، ومضمونيا وببراعة بث من خلالها همومه الفلسطينية العربية. بتكثيف زئبقي متحرك منسجم مع الرؤية الفنية دون ان يترك التجريد الهندسي لعفوية تخرج بعشوائية من فرشاة تعزف نغماتها على الوان مبثوثة، كفراش يتوهج مع الضوء والعتمة، والتفاصيل الغارقة بذكريات امكنة لها ماضيها وحاضرها ومستقبلها.

 

This slideshow requires JavaScript.

ضحى عبدالرؤوف المل
dohamol@hotmail.com

لوحات الفنان فاروق لمبز الروحانية بين الحركة والسكون

This slideshow requires JavaScript.

تتشابك النظم اللونية مع الافكار الجدلية والزخرفية برمزية يستخدمها «فاروق لمبز» لتوضيح العلاقة بين الحرف والفكر، وبين الحركة والسكون، وقوة الارتباط بينها لينجذب البصر بسرعة الى النقطة الايهامية المحيرة او الدائرة المبهمة بتداخلها الضوئي التي تلخص الرؤية الكونية للحركة العكسية، المرتبطة بحالة التوازن الحركي والسكوني المحسوس بصريا، والملموس ذهنيا بواسطة الحروف واشكالها المتلائمة مع المربع والدائرة، والشكل المخمس الجامع لزخرفيات تتمتع بحساسية وشفافية لها خصائص لا تقل عن الاشكال الهندسية، وعلاقتها برياضيات الحروف كونها حقيقة تصل معانيها للاخرين، وترتبط ارتباطا وثيقا بميكانيكية الحركة ودورانها الفيزيائي المتوازن مع الضوء.

تأثيرات بصرية متداخلة توحي بالحركة الدورانية اللانهائية، والعلاقة الخطية المتعلقة غالبا بتأثير لونين ودرجات كل منهما من حيث السطوع والكثافة، ليجتذب المتلقي ويحقق التبادل الحركي العكسي للدائرة والمربع ، وللحروف المتوائمة والمتناقضة وبخاصية الاتجاهات المؤثرة على البؤرة البصرية، المنبعثة بدقة من اللوحة بحيث تراها ساكنة وكل ما حولها متحرك، وكأنه يقدم لغة لها رموزها الهندسية التي تهيأ للمتلقي فهمها وادراكها ورؤيتها. صراع تكويني داخلي يظهر مدى صعوبة تحديد المعاني المتناقضة، والمتآلفة مع اللون والخط، والتغيرات الواعية واللاواعية والقادرة على اظهار جمالية التجانس بين الالوان، والاشكال، والخطوط، والضوء، والظل، والتوازنات الداخلية والخارجية، وانضباطها ايقاعيا مع قوانين اللوحة وقوة تأثيرها على النفس وعلى مفاهيم الابعاد الزمنية والمكانية.
يقول الغزالي: «ان الجمال ينقسم إلى جمال الصورة الظاهرة المدركة بعين الرأس، والى جمال الصورة الباطنة المدركة بعين القلب، ونور البصيرة» معزوفة حروفية ايقاعية ذات جمالية خاصة. يتضح من خلالها التمازج الزخرفي مع الحرف والضوء، وما تتضمنه اللوحة من ابعاد زمنية تتيح للمخيلة استنتاج التغاير الحركي حسيا من خلال المساحات التخيلية للفراغ، ونسيج الشكل المرئي المتحرك والمكتظ بالتوريقات، والخطوط والحروف والدلالات الشبيهة بحركة الحروف وارتباطها بحركة الافلاك الكونية، والنسق الانطولوجية المرتبطة بالخطوط ومساراتها الحسية الخارجية الدالة على معنى التوحيد.

أنماط تكوينية متنوعة مكملة للكتلة وللتحولات التي تختزل الحركة والسكون من خلال حروف او شكل او ضوء او لون او فراغ يحرض الحواس على تجاوز التجسيد والسرديات البصرية التي توحي بمضامين فلسفية جمالية. تختصر رؤى الفنان وتضعنا معه امام فكر لا متناهي وذاتية تبحث عن جوهر الروحانية بين الحركة والسكون، لتتعثر الحروف احيانا بعفوية وبساطة تتسم بميكانيكية محسوسة من ابرز سماتها المعادلة بين اللونين الازرق والاخضر واضافة لون اخر في تضاد معهما، ويتمتع بخاصية ذات تركيب مختلف. يستحضر من خلالها القيم الروحية للحروف العربية وتكويناتها المألوفة فراغيا من زخرفة او توريق او حتى الايحاء بتفاصيل تنصهر مع الموتيفات والعناصر الفنية داخل اللوحة.
يستقي «فاروق لمبز» نوتات موسيقية ينظمها في ايقاع خاص له جذوره الثابتة هندسيا، والمنفصلة عن الذات الانسانية بازدواجية تركها في الالوان، وفي ازدواجية الاشكال المحاطة بالفراغات الضوئية ومكوناتها الهندسية الاساسية التي تتماهى مع المربع، والخط العامودي والافقي. من حيث جمالية الابعاد والمشهد التصويري المتلائم مع ااوان ابداعية مزجها وفق تكنيك يعتمد على البساطة والتكافؤ الايقاعي بين الحروف والاشكال، واللغة التعبيرية البصرية ذات النسيج العربي والزخرفات الابداعية التحريرية زمانيا، والمتفاعلة مع الحركة والسكون والفلسفة الكونية العميقة الفيم الجمالية والابعاد الفنية.
اتجاهات معاكسة يتفرد «فاروق لمبز» في صياغتها عاكسا العوالم المرئية على الشكل ومنطق الحرف، وتوزيع الكتل اللونية بتوافق وانسجام يجعلنا نبحر في حركة طواف مع محور الدوران، ووفق ايقاعات صوفية ذات موازين روحانية. تتخطى المعنى وتنطلق بجدلية كرونولوجية مغايرة لتكوين يتلاعب بمفرداته الفنية المتلاصقة او الكولاجية، لتكتسي المساحة الغنية بمعطياتها الزخرفية الشبيهة بفن الارابيسك والمعاني الفنية التي تنطوي على اتجاهات مختلفة شكلا ومضمونا، وايحاءا لغويا يقتصر على حركة الحروف انفصالها واتصالها، احجامها واشكالها، والبعد الصوفي في تكوين كل منها، وكأنه يمارس فن التجويد ولكن باللون والشكل والرؤية.

الوان حسية مؤثرة بصريا ابدع «فاروق لمبز» في تناسقها الهارموني. المساعد على خلق تشابكات منتظمة وغير منتظمة. لانها مرتبطة بالاداء المرن داخل التكوينات البنيوية للزوايا الاربع او للدائرة المألوفة ذهنيا، مما يخلق متعة فنية في متابعة تأليف اللوحة، وخصائصها الحروفية والزخرفية لنتأمل اي كلمة، ونشعر بالتضاد الحركي بين الحرف والخلفية، والعقلانية المنسجمة مع العاطفة السردية. المستمدة من توازنات دينامية تمنح الذوق العام القاً هندسياً، حركياً ولونيا يشتمل على الحيوية بدرجات التباين الحسية، والبصرية وبمحاكاة تتصف بأسلوب ذي اشكال تمهد لصور متخيلة. يتفرع عنها حرف او كلمة او دلالة مليئة بالمعاني الجمالية، والمشاهد المتجددة فنيا اذ يثير رؤية منطقية تتعددخصائصها تبعا للصيغ الاسلوبية، والتشكيل البصري المتوافق مع البعد الحروفي، وما تحمله اللوحة من معانٍ نورانية مرتبطة بالفكرة والوحدة، والشكل، الايقاع، التنوع، الملمس، الكتلة، الحجم، الفراغ، الضوء، الظل، اللون، النقطة.
لوحات الفنان فاروق لمبز من مجموعة متحف فرحات.

ضحى عبدالرؤوف المل
dohamol@hotmail.com

لوحات الفنان علي حسون, لغة تصويرية تعالج صراع الحضارات

عمل الفنان علي حسون من مجموعة متحف فرحات

عمل الفنان علي حسون من مجموعة متحف فرحات

يمزج «علي حسون» بين الفن الحديث والفن القديم بتقنية رقمية، ورؤية عصرية تكشف عن لغة تصويرية. تعالج صراع الحضارات مظهرا طابعا جدليا. تتنوع فيه الاساليب الخطابية ومعانيها المتعددة فنيا من حيث المضمون والاسلوب والشكل الازدواجي، فهو يطبق فكرة الفن الحديث المستوحى من دمج يهدف الى انبثاق رؤية. تجعلنا نتقاسم فكرة ذهنية تعيد تشكيل الهوية الفنية من خلال تحديث المفاهيم الاكثر ارتباطا بالماضي والحاضر لنتساءل من نحن؟.
حدس فني تصويري تحيط به الرؤية المتأصلة بين اثنين من مفاهيم الفن، وبين اثنين من مفاهيم غربية وعربية، لتسيطر الاحاسيس الجمالية على اللغة التصويرية وطرازها الاسلوبي فنيا، فهو يجمع الماضي والحاضر في بوتقة حداثة فنية تؤدي الى انتاج شىء جديد يعتمد على الماضي ويتأثر به، كما يعتمد على البصر وسرعة التقاط المعنى حسيا. او بالاحرى ليصور الواقع الحالي للفن بفكر حضاري ومنطق وجداني له ماهياته الخاصة، وذاتيته الحديثة التي تنتمي الى موجة البوب آرت او بالاصح الفن الحديث (art nouveau).
يسيطر «علي حسون» على ابعاد اللوحة بعقلانية، ليخلق تصورات منطقية. تجعلنا نغرق في البحث عن الادوات الفنية المرتبطة بالقدرة على تشكيل خلفيات تحمل معاني حضارية. خضعت سابقا لظروف ادّت الى توا جدها، ووفق معطيات فنية واقعية مجردة من اللون، وكأنها شبحية الوجود تتميز بالانسجام الحسي، والتماسك الحركي والمدلول المثير روحيا، ليترك المادة الفنية الاساسية لزنجية تنظر للمشهد الانساني، كأنه عبارة عن خطوط ايحائية. تصور الصراع الذاتي الداخلي للانسان مع اشارات حركية. تتصف بالطابع الفني الايمائي او التمثيلي الكامن في عكس الصورة المشهدية للاسفل، لتنفرد الصورة الاساسية بوحدانيتها، وكأن المعاناة تقتصر على كل فرد ما زال ينظر لامجاد الماضي كانه الحاضر الذي يطمح اليه، متلاعبا بالصورة الشفافة والصورة الواضحة الشديدة الالوان والقوية الابعاد، والصياغة والمحاكاة التمثيلية المشحونة باللون والمعنى، والتباين، والتناغم المتوزان لونيا وموسيقيا. مما يؤثر على النفس والاحساسات السيكولوجية الناتج عنها تحليل المشهد الامامي والخلفي والارتباط بينهما لتنكشف الصراعات بداية من الذات وصولا لعمق الواقع وابعاده والرؤية المرتبطة بالوجود والعدم.

تؤثر الالوان على الانطباعات الموضوعية المنبثقة من المرأة الزنجية، ليُظهر «علي حسون» الاختلافات الواضحة بين الشعوب المتنافرة، والمتآلفة بين الازمنة والعوالم الموجودة ضمن رؤية واحدة، وحضارة واحدة ما زالت تتصارع على حق وجودها الحياتي، بديناميكية تشبه الالوان المختلفة في الثوب ، وبالحركة الفراغية في الخلفية المأخوذة من اعمال «تيودور جيريكو» تاركا للرائي تحديد المسافات والقدرة على الفصل بين القديم والجديد، وبين الالوان الباردة والحارة لنجد العمق الفراغي في الخلفية الموحية بزمن اصبح من الماضي ، وبصراع انساني تسبب بالموت وبصورة امامية تشبه منحوتة او صورة كولاجية. وضعها «علي حسون» على سطح تتباعد فيه الاشكال الحسية والضوء، والظل، وكأنه يمارس خدعة بصرية، لنتساءل اين اللون المفقود المثير للخيال والحس والجمال؟.
انعكاسات ضوئية ملائمة فنيا، لصورة لها تأثيرها المادي والمعنوي على الرائي. لانها تحتوي على عناصر بصرية شديدة التأثير لونيا، وتتميز بدرجة نقاء متأرجحة. تعتمد على اظهار بعض التفاصيل الجمالية بدرجات متفاوتة من السطوع. محاولا اظهار الكتلة المشبعة بالتوافقات اللونية والتضاد الحركي المتفق مع الخلفية، والقيمة الضوئية المتجانسة مع اللون الابيض المتلائم فنيا، والانعكاسات المنبعثة من لون البشرة الاسود والفستان، لتبدو المرأة اقوى وجودا وحياة من الشخوص في الخلفية الخالية من اي لون حياتي. يدل على حقيقة الصراع بين الحاضر والآن. لانه يتخطى المألوف بترك المشهد الخلفي مفتوحا نحو الماضي الحاضر حسيا ووجدانيا بين الخطوط الخالية من اللون، ليفتح الحواس على موسيقى اللون الاحمر والاخضر مقتحما بذلك المفاهيم والقيم البصرية. بوضع البنية التشكيلية في مشهد تمثيلي ايمائي. تختلط فيه الازمنة ويعالج من خلاله مفهوما انسانيا، ليرصد الحدث المحمل بالمؤثرات التشكيلية التي تنطوي على تحولات تركت فراغا فنيا. تباعدت فيه المعاني الناتجة عن الادراك الحسي، وتلقائية الربط بين الخلفية والامامية على نحو تلقائي اختزالي سينمائي لا تكرار فيه.
يقول الدكتور كمال عيد: «ان حركات التجديد والعصرية هي التي تعيد شباب هذه الصورة وتخلع عليها الوانا ونسيجا وابعادا وزوايا جديدة بين الحين والحين، تطرد بها عن نفسها الروتينية».

تجديد فني حديث يترجم من خلاله «علي حسون» الخطاب الايديولوجي للفن الحامل لمفهوم انساني. يحمل هموم صراع حضارات يحولها الى لغة عالمية فنية تصورية. تتسم بديناميكية تبحث عن حلول لقضايا الانسان، والحقوق المنتهكة والحروب المسببة للموت والدمار، وفناء الانسان بأزمنته وامكنته، فيمتنع عن التطور عربيا كان او غربيا على السواء، فالطابع الانساني المرافق لاعماله يدعو الى التفكر بالانسان، ليتشكل الوعي الفني في الفن الحديث بمختلف اساليبه التعبيرية التي تتميز بمزج المدارس الفنية، وبتجاذب تراثي وحضاري يضم العرب والغرب في حداثة تحمل هوية واحدة تتشكل فكريا وثقافيا وفنيا، ليحافظ الانسان على التكافؤ الحضاري الملائم لنسيج الحياة الاجتماعية، ولنوعية الانسان بمختلف الوانه ابيض واسود، شرقي وغربي، لتتجلى الهوية الفنية بمزج تكنيكي حضاري وفني حديث النشوء لا فروق عنصرية فيه وانما الاساس هو الجمال ورسالة المحبة والسلام.
لوحات الفنان علي حسون من مجموعة متحف فرحات.

http://www.aliwaa.com/Article.aspx?ArticleId=174172

للمزيد عن الفنان وأعماله

About The Artist

نظرات في أعمال الفنان حسن المسعود تشعرنا بروح الكلمة وارتباطها بالإنسان

ينطلق الفنان” حسن المسعود” من حرارة اللون نحو برودة الفراغ في فضاءات هندسية،تتخطىالمكان والزمان وتتكىء على لحظة زمنية لأحرف ولدت محاطة بالحركة، وخرجت بتنوع بصري متشظ ثلاثي الأبعاد، وتشكيل في فراغ يوازي الكتلة لتظهر مرئية، وكأنها ذات حركة ضمن بنائية هندسية مركبة، ومرنة بوعي يتجلى في اتساق الخطوط، والقدرة على الإيحاءات التصويرية التي تجسد الفكر الهندسي الديالكتيكي، وكأنه يوحد بين الخط والإنسان، فيدمج إيحاء الحرف مع حركة الضوء المتأثر باللون، ودرجات الطول الموجية، المنسجمة مع الفكر الفلسفي وسيكولوجية الكشف الخيالي، عن واقع ما هو الا نظريات فنية مختلفة هندسيا، تشبه اختلاف كل حرف وتقاطعه، وتلاحمه وتجانسه مع الآخر، لنشعر بروح الكلمة وارتباطها بالإنسان من حيث قوة كينونتها وجمالها الشكلي والمضموني واستحالة فصلها عن المعنى والأسلوب.


أشكال وظفها فنيا لتحدد ماهية الشكل من خلال المضمون العميق للكلمة، وعدد أحرفها والمضامين الجمالية المختلفة، والتلاعب بعناصر الشكل مع الحفاظ على التوازنات الجمالية بين المضمون والشكل، فيضع كل ذلك في قياسات تلتزم بالفكرة والقدرة على تنفيذها بنائيا، وكأن الرسومات هي تصاميم ذات مادة تستجيب بليونة لقساوة الخط، فنشعر كأنها منحوتة سابحة في الفراغ مع الالتزام بالانضباط الحسي، والنظرة الجمالية الملائمة تشكيليا وتكوينيا، فالتركيب الهندسي عند الفنان شبيه بالنحت ويقترن بالايقاع، والترابط الشديد بل المتآزر والمتآخي مع تكنيك اللون وتجانسه، وارتباطه بالمقاييس الحسية ، وهذا ما يرفع من القيمة الجمالية البعيدة عن الغلو، فتغدو العلاقة بين الفنان والرائي تتوازى من حيث التفاعل والتأثر والتأثير، والتعبير الديناميكي الحي الغني وجدانيا بالتصورات الذهنية وأبعادها الفنية.
تداخل لوني متزن بكل درجاته الطولية، فالشكل البارز في أعمال الفنان حسن المسعود هو انعكاس ضوئي للكتلة، يسبب إثارة بصرية ترفع من قيمة الخطوط الأساسية والجزئية، ولحظتها الحركية التي ولدت منها، فنشعر بقوة الشكل الأساسي المتوازي مع قوة اللون باعتبار الكلمة كائناً حياً، وجزءاً لا يتجزأ من كل متكامل متناغم المعنى. الموجود سرديا في اللون، وكأنه يبني خياليا من خلال ما نراه في الواقع مجسدا في لوحة كأنها مجسم يرتفع في الهواء، ليزداد الإحساس البصري بالشكل الجوهري، وتعبيراته الإيحائية ذات القواعد الهندسية الخاصة.
حروف متنوعة لها إيقاعاتها المتناغمة مع اللون والشكل المعاكس تكعيبيا، والمعتمد على المنظور الحسي والتعبير البصري، الازدواجي المتسم برؤية حيوية تجمع الإحساس بالحركة، والتجريد الهندسي المثير للادراك والانتباه من حيث الفراغ التشكيلي، والأجزاء المتنافرة والمتلاحمة مما يجعل البصيرة قادرة على التميز بين حرف وحرف، وعلى التطابق والصلابة بين الكلمة وانزياح حركتها التشكيلية، الديناميكية من خلال الزمكانية والتكوينات المرئية اللانهائية المفتوحة فنيا. نحو الضوء والظل، والخطوط الانسيابية الموسيقية غير المسموعة، والجامحة بعلوها وارتفاعها بخصوصية تقنية تحمل بصمات فنية خاصة بالفنان.


ما بين الخط المستقيم والخط العامودي إيقاعات ذات مفاهيم رياضية، لها متناقضاتها، صغير وكبير، هبوط وارتفاع، يمين وشمال، مغلق ومفتوح، مما يجعلها مركبة بتراتيبية تصميمية، كانها تصميمات لفن حركي صامت يشبه فن الباليه التعبيري الراقص. حيث تتحد الألوان مع الخطوط المتصلة بالفكرة، وكأن العمل الفني عند” حسن المسعود” عمل يبدأ من الكل إلى الجزء، والتناغم المترابط مع الكل من فكرة ، ويد، وريشة، ولون، وخط، لنشعر بتدفق المشاعر والموسيقى الإيقاعية لكل حرف، والحركة الراقصة المتمايلة بمعايير هندسية متصلة بالخيال الحسي، فالكلمة تشكل مسارات تمتزج بفونيمات العناصر الفنية المتآلفة ذات الأبعاد الفراغية، والفواصل المتباعدة متخذا بذلك صفة شرقية لها نظرتها الغربية منطلقا نحو المحاكاة الجامعة. لأن اللوحة مقروءة إيحائيا وتعبيريا وهندسيا، لتبدو أمامنا كخشبة مسرح لفن حركي إيمائي راقص.
يقول بيير ريفيردي :”بأن الصورة خلق ذهني خالص.لا يمكن أن تولد من مقارنة، بل من مقاربة واقعين متباعدين بنسبة أو بأخرى، وكلما كانت الصلات بين الواقعين المقاربين بعيدة كلما جاءت الصورة قوية، وكلما زادت قدرتها التأثيرية زاد واقعها الشاعري.”
بناء حروفي يتجاوز اللغة البصرية والحروفية، ويضعنا وجدانيا أمام مخيلة تعبيرية لها محاكاتها المؤثرة على حواس المتلقي، والمؤنسة للفكر المنفتح والبناء بتلاوينه الحسية، والمرئية والملامح الشفافة للالوان الاساسية الحارة والباردة، وكأن كل الحروف كائنات كونية تحمل صفات الكواكب من عتمة وضوء، وتقارب وتباعد، وقدرة على الحركة البعيدة والقريبة. مما يستدعي الحواس للتفكر بجمالية الشكل الهندسي، ومميزاته الانفعالية واللونية، ودلالته الرمزية المأخوذة من المربع والمستطيل ، والدائرة النابعه من نزعة خيالية. تأخذنا حيث الالوان الساطعة وبريقها الجوهري الشبيه بالوجود الانسانى، والعلاقات الاجتماعية وفعاليتها، وما يصدر عنها من حركة داخلية وخارجية، والقدرة على توظيفها للون رؤيوي واسع الخيال، مكوّن للكتلة المحورية في اللوحة وتشكيلها الحسي ، المتداخل نغميا لتراه العين بجمالية لها مقاييسها الابداعية.

This slideshow requires JavaScript.

* اعمال الفنان حسن المسعود من مجموعة متحف فرحات

http://www.alsabaah.iq/ArticleShow.aspx?ID=49566

لوحات الفنان مصطفى حيدر.. زمنية اللوحة تحاكي الحضارات الآتية

This slideshow requires JavaScript.

تتكسر الخطوط وتتمزق الألوان وتعج بالأشكال والأحجام المنسجمة مع المساحة، فتتراىء الأبعاد المتسقة وفق نظم رؤيوية تعطي الصورة الفنية تألقا جماليا مختلطا بالاحساس الادراكي والاتصال الذاتي بين الفنان وعمله، وبين المتلقي ومشاهد سجلها التاريخ، كما سجلتها ريشة «مصطفى حيدر» لنتأثر بمؤثراته الجمالية من حركة ولون، ومن مضمون يحاكي الانسانية بمنطق الفن، فما يثيره من تأملات صبغها «مصطفى حيدر» بحركة لون وخطوط، ليستفز الانفعالات وكوامن النفس الانسانية، من خلال برودة الألوان الحيادية الغالبة على لوحاته مع نسبة مدروسة من ألوان حارة. تبرز كجزئيات نستشف منها جمال الوحدات الفنية، وانسجامها مع الفكرة والمضمون، بل وتلاحمها مع الاسلوب التقني والفني، لمزج الألوان بتكنيك يتناسب مع دلالية الحركة واتجاهات الخطوط المتعاكسة أو المتقاطعة مع الأركان الأساسية لنسيج اللوحة البنائية، وكأن اللوحة ما هي الا مشهد حي يمتلك الحس المرهف والخيال، والتهويمات اللونية ذات الايحاء البانورامي التكويني المندمج مع رمزية حركة الضوء، فالخطوط المتراكمة ترفع البصر نحو الأبعاد الضوئية والألوان الرقيقة المليئة بالشجن، والعاطفة ومنطق جعله ينسج من مجزرة قانا حكاية الانسان.

 

يقول عز الدين إسماعيل: «الصورة دائما غير واقعية وان كانت منتزعة من الواقع، لأن الصورة الفنية تركيبة وجدانية تنتمي في جوهرها الى عالم الوجدان أكثر من انتمائها الى عالم الواقع». موضوعية مكانية لزمان تائه في لوحات مؤرشفة مضمونيا في سجلات التاريخ، لكنها في لوحات «مصطفى حيدر» متجددة زمنيا وفنيا، وكأنك في مسار عكسي مع الزمن، فاللوحة تجسّد كل تفاصيل الحدث بسرد لوني وجداني له كتلة تتراكم فيها الخطوط الهندسية، وذاكرة تؤكد على أهمية الفن انسانيا، لما يحمل من رسالة حقيقية هي بمثابة يقين يجعلنا نرى الأبعاد الماورائية لما حدث في قانا.
فواصل فراغية عالقة ما بين الحدث والتاريخ. يعيد من خلالها «مصطفى حيدر» تشكيل كل ما هو مرئي أو متخيّل بأسلوب تصاعدي. متخذا من تكنيكات اللون أبعادا جمالية تسمو مع الفضاءات التخيلية، لتمتزج الفكرة مع العناصر الفنية من خط ولون وفراغات، وضوء، وظل، ومدلولات ايحائية ذات صلة بالحياة الانسانية، وصراع الحياة من خير وشر، وموت وبعث، وجرائم الحروب البشعة التي تجسد ظلم الانسان لنفسه، ولبني جنسه لاخوته في الإنسانية، فتوليفات الخطوط تجمع برمزية المشهد كتعبير عن واقع مؤلم، ظهر في التعتيم الضوئي والظل، والتزاوج والتماثل، والتطابق بين الألوان الباردة والحيادية، والوحدات البصرية المكوّنة للوحة، وتشابك الألوان الغامقة في ثنايا الخطوط والأشكال الهندسية، والتكسرات اللونية المنفصلة والرشيقة ايقاعيا، والمقرونة بقدرة ريشة لها ليونتها في مد الألوان المائية والتحكم بألوان الاكواريل.

 

مجزرة قانا
ترتبط الاشكال الفنية في لوحات «مصطفى حيدر» بالوعي الفني الذي يسعى الى تقديم فن يقارنويحاور، القدرة الانسانية على مخاطبة الحواس بالوسائل التعبيرية الفنية التي تحدد بقاء الطبيعة الصامتة، والتجريد الهندسي الملفوف بالغموض، وعوامله الايهامية. كانه يجمع الاجزاء مع بعضها البعض، لتلتحم بالكل وليظهر بشكل ديناميكي الفروقات بين الخير والشر، وبين الحياة والموت، الضعف والقوة، لتندفع الكتل اللونية تصاعديا، وكان الضوء يجذبها نحو الأعلى، ليحدث تحوّلا تبصرية تتشابك فيها الاسس اللونية، والمعايير الفنية من تباين وسطوع متناغم موسيقيا، مع الضوء والفكرة الجوهرية، لجمال الأشكال وأبعادها الهندسية القادرة على محاكاة الطبيعة، بتناسب منطقي يحقق جماليا المعنى الحقيقي للوجود الانساني، فهل يحاول «مصطفى حيدر» مقارنة الإنسان مع الطبيعة وقدرتها البيئية، المحافظة فطريا على جمالية الحياة في حين فشل الانسان؟

تعكس فرشاة «مصطفى حيدر» بعدا إنسانيا جعله يفرض لغته المرئية وأسلوبها الابداعي في مخاطبة الوجدان، بطريقة حسية ادراكية لها مقوماتها الفنية، القادرة على ابراز المضمون في صورة فنية كنواة وطنية. تؤكد على تأمل الحدث المعزز بفراغات لها تساؤلاتها، ومحاكاتها العميقة الجذور، فالعلاقة بين الكتلة واللون وتلاحم الضوء مع الخط يؤصل التكوين التعبيري المؤثر في النفس، والمستوحى من الآلام البشرية وعذاباتها، من تكرار المجازر زمنيا، وكأن التجريد اللوني يخفف من وضوح الصورة الايهامية ومعانيها، لكنه يمنح اللغة البصرية رموزا تجعلنا ندرك فيمة التسامي فوق الجراح، والانفعالات الإنسانية لنعيد للحياة الانسانية معانيها الجمالية بعد كل حدث يصيبنا بقوة الإرادة والأمل، وفي القدرة على بناء حضارة تهدف لابراز الجمال، وقيمة الانسان وقدرته على بناء حضارة ذات جمال فني غني بالدلالات والمعاني والخطوط، والألوان المتحاورة والمتجاورة والمتجانسة جماليا والنابعة من الذات الانسانية.

 

ارتباط واقعي لمتنافضات فنية تحدد رؤية «مصظفى حيدر» وقدرته على محاكاة الطبيعة الصامتة بقدرة ألوان الاكواريل، والألوان المائية الشفافة المرتبطة بقضايا حقوق الانسان، وقدرته السردية الهادئة والحيادية القريبة من المنطق الفني التشكيلي، وبجمال البيئة وادراك ايديولوجية النشاط الانساني الفعّال في الفن من خلال الأشكال الهندسية المتوازنة مع المنظور الضوئي، وما يحمله من انطباعات تجعلنا نسمو مع الحركة التي تفرض نفسها في مساحة اللوحة، ومع السكون المندمج مع الفراغ، وما ينبثق عنه من تكرار ايقاعي له احاسيسه المختلطة التي توحي بالفرح والحزن، والألم، والجمال، فالخطوط واتجاهاتها البنائية الصاعدة تجعلنا نرتفع فكريا، لنتامل قدرة الفن وعبثيته في اظهار المعاناة الانسانية وجمالية المشاهد الوجودية، لطبيعة محمّلة بالألوان البكر المنبثقة من الطيف الشمسي ومن وجودية تتناقض مع العبثية الخلاقة.
دراما سوسيولوجية عبثيةـ من ألوان مائية حيادية غالبا في لوحات يجسّد فيها مجزرة قانا، ومتباينة بشفافية الأحمر، والأزرق، والأصفر الشفاف في لوحات أخرى، لكنها تتصاعد طوليا حين نقترب من الطبيعة الصامتة أو من الأشكال الهندسية التجريدية تكعيبيا، فدلالاتها الوجودية تضبط إيقاع اللوحة العبثي، لتختلط فيها الأبعاد الفلسفية والمعرفية للمفاهيم الوجودية. مما يجعل المتلقي يتأمل التناقض بين لوحات تبرز الحياة، قوتها! جمالها وألوانها، وبين لوحات تبرز الموت الذي تسبب به الانسان، فالفوضوية العبثية في أعماله لها رمزيتها الجمالية، كما للوجودية أيضا قوتها وايديولوجيتها المنصهرة مع اللون والانماط الفنية الأخرى، ليخلق انعكاسات مؤثرة هندسيا. ترتبط بتفاصيل المفردات الفنية وعناصرها التشكيلية، وسيميائيتها الكوريغرافية التي تثير الذهن، ليرتقي مع فن يحاكي الوجود الانساني من خلال الفن الواعي هندسيا، ولونيا واللغة البصرية المتماهية ميتافيزيقيا مع الأبعاد الزمنية لأمكنة راسخة في الذاكرة التاريخية وما زلنا نراها هناك حيث المكان بدون زمن، وهنا حيث زمنية اللوحة تحاكي الحضارات الآتية.
أعمال الفنان مصطفى حيدر من مجموعة متحف فرحات.
ضحى عبد الرؤوف المل

http://www.aliwaa.com/Article.aspx?ArticleId=170611

أعمال الفنانة سوزان كلوتز فكرة متفردة لها اداتها الفكرية الثابتة

This slideshow requires JavaScript.

لا تخضع أعمال «سوزان كلوتز» لمعايير جمالية هندسية ثابتة، لكنها تخرج من فكرة متفردة لها اداتها الفنية الفكرية الثابتة، وهي القيمة الانسانيةالمنبعثة من فن تركيبي له اهدافه البنائية والمعرفية، من اجل خلق لغة مفهومة من صلب اهتمامتها . ابراز الفن التراثي او الابداعي الفني، نازعة بذلك الفوضى العبثية عن الاعمال اليدوية، لتتركنا في غموض فني يطرح تساؤلات ذاتية عند المتلقي. أعمال تبحث في علم الاجتماع الفني عن حقوق الانسان، عن القيمة الانسانية للاوطان، عن تراث فني يكاد يندثر ويمحو اثار وطن محتل، فهي تشارك كل انسان الاحاسيس الجمالية وابعادها الفنية المتمسكة بجذور وطنية لها انسانيتها ، فالفكرة الانسانية تتصدر فنها التركيبي، ومضمونها التحليلي لتجعل من كل لوحة لغة عالمية تحاكي كل الاديان والمذاهب وتخاطب الانسان. بل هي تظهر الفن الجميل، وقدرته في تصوير المعاني الاجمل.
نسق زخرفية طرزتها بالالوان، واحيانا بالقماش، وفي الكثير من الاحيان بالاحجار الكريمة او الرصاص، لتختزل الحدث، وتمنح الرؤية قوة انفعالية مؤثرة في النفس، فسوسيولوجيتها المبطنة ان في اسماء الله الحسنى او في كل لوحة تمتص البصر، وتنشىء لغة بصرية تمتاز بالمحاكاة الحسية والعاطفية، الجوهرية والبنيوية، لنموذج له اسبقية فنية. تجعلك تشعر بحرارة الانامل التي واكبت هذه الاعمال، تصميماتها، وتنفيذاتها، والاكتفاء فنيا بمواد نسيجية احيانا، فالاداء له تعبيراته الاجتماعية المحبوكة ذهنيا بقدرات شعب اتقن يدويا حتى صنع السلاح. لكن «سوزان كلوتز» اظهرت الجوانب الابداعية، لتفتح ابواب فن تركيبي يهتم بموضوعية، بحقوق الانسان، لتصبح مسألة الوطن معولمة على الانفتاح الفكري، والفني القادر على تحقيق عدالة السلام. المختزنة في فكر كل عمل فني قدمته «سوزان كلوتز» ابداعيا وفكريا، وفنيا بالاضافة الى المحافظة على الجماليات المتفردة اسلوبيا، لانها تجذب الحواس، وتلتقط الحركة من الألوان الشعبية القوية، لتحاور بصيغة فنية اجتماعية ادبية مكتسبة من الحضور الشعبي الفلسطيني، والاسلامي والطفولي. الا ان القيمة الاجتماعية تبين لنا ان القضايا التي تطرحها «سوزان كلوتز» في اعمالها بصفة خاصة. هي قضايا متعلقة برفض السلاح والعنف، وانتهاك حقوق الانسان، وقيمة الشهداء ومنح الطفولة فهم دورها، فالمسارات الفنية في اعمالها لا تتقاطع مع المعنى الفلسفى او المعرفي المتعلق بالتاريخ الماضي، والحاضر، والمستقبل . انما هي افكار انسانية شاملة متمسكة بمعاناة الشعوب من الحروب والقتال، وهذا ما اظهرته في لوحة «الشهداء» وفي «الكتاب الفني» والتي تتناول فيه ضمنيا تصوير الاحتلال، ومفهوم القوة المتسلطة والعنف الانساني بحق الطبيعة الايديولوجية البشرية، وقدرتها على الدفاع عن النفس، لتصف بمنهجية فنية القتل دون ان تنفصل فنيا عن الجمال، فاللوحة ما هي الا رسالة فنية توضح مفهوم الحرب ضد الانسانية ، والرصاصة المرهونة بالتغيرات الدرامية لتستبدلها بمادة قادة على ابراز المعاني والجمال.

أسماء الله الحسنى

أسماء الله الحسنى

منظور فني اجتماعي مرتبط بفلسفة تبثها. بنسبة تقنية تفردت باخراجها وتصميمها بانوراميا، وبخصائص شعبية ويدوية خرجت بمواصفات فن تركيبي ابداعي، لترسيخ مفهوم الفن وعلاقته بالايديولوجيات الانسانية. المناهضة لفكرة الفن يخدم الانسانية، والظروف الحياتية السائدة في الماضي والحاضر، لتستبعد النقد الفني التشكيلي، وتضعنا امام فن تركيبي هادف قادر على خلق قراءة قادرة على اظهار التوازن اللوني في التركيب، والتركيز على ابراز التوجهات الفكرية المتنوعة، والدقيقة الملاحظة، فهي تخلق من موتيفات بسيطة عناصرها الفنية المساعدة على خلق لوحات يستمتع بها الحس الوجداني الانساني، لانها تكشف عن عمق روح لها خطابها الوجودي، والمنهجي لتمارس بعقلانية وعاطفة خلق اعمال فنية تنتمي لشعب فلسطيني. خسر ارضه ومقدساته، لكنه لم يخسر اصالته وتراثه، وفنه، وعروبته، وتواجده الوطني، والعالمي في المتاحف، والمعارض متخطيا تواجده اللازمني. لانه يحاكي كل الازمنة التاريخية بلغة تصويرية تعبيرية، وفن تركيبي قادر على محاكاة كل متلق في اي موقع من العالم .
يقول جورج سانتيانا: «ان التعبير عن الحقيقة قد يدخل في تفاعل القوى الجمالية، ويخلع على تصوير الاشياء قيمة لولاها لأصبحت هذه الاشياء تدعو الى النفور والاشمئزاز.» بساطة تعكس جمالية فن يحتفظ برسالة تدوينية قادرة على حفظ احداث اتسمت بانتهاك حقوق الانسان، واحتفظ بروحانية جمالية، هي ملاذ «سوزان كلوتز» الفني الذي من خلاله تمارس تعاطفها مع يقينها، وقدرتها على المعالجة الاجتماعية، وربط الالوان بتقنية تكنيكية. تجعلك تتساءل عن سر الجمال في اعمال توزعت فيها الكتل والعناصر، والموتيفات، والضوء، لتصور التطورات الزمنية الحاصلة في امكنة معينة، كصورة مسجد الاقصى في الكتاب الفني، والعلم الممزق، والاحرف المتناثرة الشبيهة بالدماء الحرة. تاركة المشاهد مفتوحة على تأويلات متعددة، ولكن بتضاد لوني عكس جماليات الجلديات المثيرة للدهشة الوجدانية، والمؤثرة عاطفياعلى الملامح الاسلوبية بشكل عام، لنقرأ المضمون بجمالية اسلوب اتقنته بشفافية انسانية، وايادي فلسطينيه تمنح المادة حسا يفيض بالروحانية والوطنية، فالمناظر التكوينية غالبا تنم عن تقنية غير مألوفة نوعا ما. رغم ان الفن التركيبي هو فن نشأ من القرون الماضية .

ذائقة جمالية تشعر بها، وانت تتأمل اعمال «سوزان كلوتز» لانها تدغدغ عواطفك الوطنية، وحواسك الاجتماعية . لأن قراءة اللوحة تسمو بالمتلقي نحو القيمة الانسانية للعالم، وللانسان المغتال تراثيا، وثقافيا، وجماليا، ونحو تكوين مفاهيم تتسم بالبساطة والوضوح، لكنها مؤثرة في النفس، وقادرة على ترك فكرةتنمو ولا تشيخ زمنيا، فهي مزجت تقنية اللون، والابعاد، والتوازن والسيمترية، والفضاءات الفراغية مع القماش والاشغال اليديوية والتطريز، والزركشة والزخرفة، وما الى هنالك من اساليب اعتمدتها «سوزان كلوتز» في فن يحاكي قضايا الانسان.
اعمال الفنانة سوزان كلوتز من مجموعة متحف فرحات الفني.
ضحى عبد الرؤوف المل